كم من الغضب والكراهية سنفرغها على الشماليين قبل ان نعرف أن الشمال عمقنا الآمن..؟!
يمنات
وضاح اليمن الحريري
لقد اعمى الغضب و الكراهية المنطلقين من أحزان و نوائب حرب 1994م و نتائجها. أعيانا نحن الجنوبيين حتى أننا نكاد نقول انه لولا الملامة لما قبلنا ان نبقى على نفس الديانة و القومية التي تجمعنا بالشماليين.
هنا بيت الداء فنحن بكل حفاوة سنكون على استعداد لاستقبال الانجليز و التعامل لهم بل و تقديم قرابين الطاعة قربانا يلحقه قربان، بينما لا نجد و لو فسحة صغيرة في ردهات قلوبنا و غرفها لنساعد من يستجير بنا من هول الحرب في صنعاء، و هم يحملون نفس ألسنتنا و لغتنا و ديننا بل و ثقافتنا و فوق كل ذلك نتجرأ لنملي شروطنا عليهم.
لا ادري ما تسمى هذه الحالة، أنا اعرف ان هناك مشروع سياسي لاستعادة دولة الجنوب، كما يقال، و هذه مسألة سياسية بحتة فيها ما فيها من نقاط الالتقاء و الاختلاف، لكن ان تصبح السياسة مبررا لإثارة البغضاء و شحن عواطف الناس بالكراهية و العنف، فهذه مسألة أخرى يقف عليها مجموعة من العصبويين و العنصريين الذين يعتقدون أنهم بهذه الطريقة سيستعيدون الدولة الجنوبية.
حسنا إذن لماذا لم يشعر العالم على مدى عقد من الزمان أو يزيد بأحقيتنا كجنوبيين بدولة مستقلة لأسباب سياسية و حسابات مصالح و توازنات بالتأكيد .. و ليس لسبب آخر .. و حين قبل العالم بالتعامل مع القضية الجنوبية على سبيل الافتراض فهو عمل ذلك لأسباب سياسية و حسابات مصالح و توازنات.
إذن فإن مسألة كراهيتنا و غضبنا على كل ما و من هو شمالي لا تضر أحدا سوانا لأن كل هذا الكم من الغضب و الكراهية و إن استخدمناه كشماعة فهو لن يحل أي مشكلة حقيقية من المشاكل التي نواجهها حتى لو استعدنا دولة الجنوب أو حررناه مئة مرة.
إلى هنا و سنضيف أيضا ان الشمال الذي نكرهه هو في الحقيقة عمقنا الاستراتيجي و لا اتصور ان احد القارئين سيقفز ليخبرني أنني مخطئ، و ان الجنوب لا يحتاج لعمق آمن، فإذا كان ذلك الشمال محسوبا معنا كحديقة خليفة للمملكة السعودية فأي مصطلح سيطلقه عليه الجنوبيون إن لم يكن عمقنا الآمن حتى لو قامت عشرين دولة في اقليم اليمن و ليس دولتان فقط.
ما الذي يمكن ان يسميه أخواننا المتوترون من كل ما و من هو شمالي .. و الذين يوزعون صكوك الغفران بناء على نواياهم التي لا يعلمها إلا رب العباد .. فهل للكم الهائل من الغضب و الكراهية حد و سقف ما يقف عنده أو هو بلا نهاية و في هذه الحال كيف يمكن ان ينتهي إذا كان حتى هذه اللحظة لم يستعد دولة و لم يحرر وطنا.
أعتقد ان مشاعر الإنسان مهما كانت لا تستطيع ان تقدم حلولا موضوعية إذا غاب عنها التفكير فما بالكم عندما تكون تلك المشاعر عبارة عن غضب وكراهية.
نعم هي تستطيع ان تؤجج الناس و تحرضهم لكنها لا تستطيع ان تقدم لهم حلولا ناجحة .. و هذا ما قايسناه خلال السنوات الكثيرة الماضية.
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا